top of page

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إِنَّ هذه الْحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلاَّ السَّامَ"

​ هل تعلم أنّ  النبي ﷺ  كان يصف الدواء بحسب ما يشاهده من حال المريض؟

صورة الحبة السوداء مكبرة على خلفية رمادية – الطب النبوي وطب الأخلاط

شرح كلام الحافظ بن حجر العسقلاني لحديث الحبة السوداء وإثبات قاعدة طبية مهمة

يقول الإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري شرح صحيح البخاري، في شرح حديث رسول الله ﷺ:

"إِنَّ هذه الْحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلاَّ السَّامَ":

ما نصه:

"وقيل إن قوله (كل داء) تقديره: يقبل العلاج بها، فإنها تنفع من الأمراض الباردة، وأما الحارة فلا.
نعم، قد تدخل في بعض الأمراض الحارة اليابسة بالعرض، فتوصل قوى الأدوية الرطبة الباردة إليها بسرعة تنفيذها..."

ثم أورد ما قاله أهل العلم بالطب:

"إن طبع الحبة السوداء حار يابس، وهي مذهبة للنفخ، نافعة من حمى الربع والبلغم، مفتحة للسدد والريح، مجففة لبلة المعدة.
وإذا دُقَّت وعُجنت بالعسل وشُربت بالماء الحار، أذابت الحصاة وأدرت البول والطمث.
وفيها جلاء وتقطيع.
وإذا دُقَّت ورُبطت بخرقة من كتان وأديم، وشُمَّت، نفع ذلك من الزكام البارد.
وإذا نُقِع منها سبع حبات في لبن امرأة وسُعِط به صاحب اليرقان أفاده.
وإذا شُرِب منها وزن مثقال بماء أفاد من ضيق النفس.
والضماد بها ينفع من الصداع البارد.
وإذا طُبِخَت بخل وتمضمض بها، نفعت من وجع الأسنان الكائن عن برد."

تفسير إضافي للحديث:

وقال الخطابي:

"قوله (من كل داء) هو من العام الذي يراد به الخاص، لأنه ليس في طبع شيء من النبات ما يجمع جميع الأمور التي تقابل الطبائع في معالجة الأدواء بمقابلها، وإنما المراد: أنها شفاء من كل داء يحدث من الرطوبة."

شرح كلام الخطابي عن حديث الحبة السوداء أنه من العام الذي يراد به الخصوص

تقييد نفع الحبة السوداء بحسب مزاجها

إن ابن حجر العسقلاني يقيد نفع الحبة السوداء للعلل الباردة الرطبة، لكونها حارة يابسة المزاج، ويستشهد بشرح الخطابي أن قول النبي ﷺ: "شفاء من كل داء" إنما هو كلام عام يُراد به الخصوص.

ويوضح أن النبات إن كان بعض أجزائه حارًّا، وبعضها باردًا، وبعضها رطبًا، وبعضها يابسًا، فهو جائز. فإن تساوت أجزاؤه الحارة والباردة والرطبة واليابسة، فهو معتدل الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة.
أما إن غلب بعضها على بعض، فمزاجه يكون بحسب الغالب، لأنه لا يوجد شيء من النبات كل أجزائه حارة وباردة ورطبة ويابسة في آن واحد، لأنها أضداد لا تجتمع.

لا نبات واحد يجمع الأضداد في آنٍ واحد

لذلك، لا يوجد نبات واحد يجمع الأضداد من الطبائع في آن واحد، يُعالَج به كل العلل: الحارة، والباردة، والرطبة، واليابسة.
وهذا هو معنى كلام الخطابي:
"ليس في طبع شيء من النبات ما يجمع جميع الأمور التي تقابل الطبائع في معالجة الأدواء بمقابلها."
ولذلك، هو قيد نفع الحبة السوداء للأمراض الرطبة، كونها حارة يابسة.

قاعدة ذهبية في استعمال الأدوية

هذا كلام العلماء والأطباء على هذه الأشياء، فمن هنا نفهم ونعلم أن الأدوية لها خاصية، ولها كيفية.

فإذا أردنا استعمالها، لا بد من مراعاة الكيفية، ولا بد من مراعاة الخاصية، حتى يسلم الإنسان — سواء كانت هذه الأدوية عشبية، أو معدنية، أو من الأحجار، أو من أجزاء حيوانية، أو أنها كيميائية — فلا بد من مراعاة هذه القاعدة.

فإذا رُوعِيَت هذه القاعدة حصل الشفاء بإذن الله سبحانه وتعالى.

bottom of page